قصتنا مع دولة فارس المجوسية
يُعاني مجوس فارس منذ ألف وأربعمائة سنة من عُقدة نفسيّة مؤلمةٍ هي المجدُ التليد:
إذْ أنّ العالم القديم كان مقتَسماً بين دولتين
عُظمييـن وقوتين قاهرتين ، هما الروم والفرس الروم كانت ديانتهم هي النصرانيّة المُحرّفة وينبسط نفوذهم على جنوب المتوسط وبلاد الشام وتركيا ، فيما كانت عاصمتهم هي القسطنطينيّة ، ويُلقب حاكمهم كما في لغتهم بمُسمى قيصر هذه القوة الروميّة الحمراء في الغرب كانت تقابلها قوةٌ ناريّة صفراء في الشرق ، وهم الفُرس دولةُ فارس كانت تدين لإلهٍ هو في الأصل عدوٌ لكل البشر ، وأعني بهذا الإله الفارسي النار وقد كان مسمى هذه العبادة هو المجوسيّة أما عن نفوذها السياسي فإنه كان ينبسط على أراضي إيران اليوم ، والعراق ، وشرق الخليج ، وبعض غربه ، واليمن وقد كانت عاصمة مملكتهم هي المدائن ، ومليكهم يُطلق عليه في لغتهم اسم كسرى علائقنا نحن العرب مع هذه الأمة الناريّة الفرس غير جيدة منذ الجاهلية وقبل الإسلام
إذْ أنّ النفسيّة المجوسيّة ترى في نفسها أشرفَ الكائنات ، وأعرقَ الموجودات ولذا عَبدت حسب تفكيرهم الهزيل النار لأنها بزعمهم أقوى الكائنات وبناءً على هذا التفكير السطحي ، والنفسيّة الاستعلائية فإنّ كسرى قد مات كمَداً وقهراً حين هزمَ العربُ جيشه في معركة ذي قار فتولى من بعده الكسروية ابنُه شيرويهوعن هذه المعركة فقد قيل أن رسول الله صلى الله عليه وسلم حين
بلغه نصرُ العرب فيها على الفرس هذا أول يوم انتصف فيه العرب من العجم ، و بنصروا أمّا عن سبب هذه المعركة
يؤكد نظرية الاستعلاء الفارسي على العرب فعودوا للتاريخ فعنده السبب لم يكن حال هذه العلائق بين الفرس والعرب بأفضل حال مع العهد الجديد الإسلامي إذْ تنبئنا كُتب السيرة النبوية أن أسوأ وأوقح ردٍ أتى من ملوك الأرض على مكاتبات الرسول عليه الصلاة والسلام إليهم ودعايته لهم في دخول الإسلام إنّما هو قد جاء من قِبَل ملك الفرس كسرى فقد قام كسرى بتمزيق كتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ودعْسِه بقدميه ؛ وذاك حينما استمع لأول الخطاب يذكر اسم نبي الرحمة صلى الله عليه وسلم قبل اسمه فغضب حينها وقام من فوره بتمزيق الكتاب وقال عبدٌ حقير من رعيتي يذكر اسمه قبل اسمي ثم إنّه قد بالغ في الاستعلاء الفارسي ؛ فأمر عامله على اليمن باذان أن يبعث برجلين شديدين إلى المدينة ليحملا له ابن عبدالمطلب صلى الله عليه وسلم
وفي المقابل فإن الرسول عليه الصلاة والسلام لم يدعُ على أحد من ملوك الأرض الذين قد راسلهم واختلفت أساليبهم في الرد عليه بين مُتلطفٍ ومتوقف إلا كسرى ؛ إذ قال لما بلغه ما فعل مزّق الله مُلكه ولما أن جاءه الرجلان الشديدان - كما أمر كسرى -أخبرهما الرسول بعد أن حبسهما عنده إلى الغد أن كسرى قد قتله ابنه فكان هذا الإخبار منه صلى الله عليه وسلم سبباً في إسلام باذان ومن معه من الفرس في اليمن قليلٌ بعد هذا مضى ومملكة الفُرس تُكتسح وتُستباح بأكملها في عهد الخليفة الراشد عمر بن الخطّاب رضي الله عنه ويُبعثُ بكنوزها من المدائن إلى المدينة ؛ لتسقط دولةُ الألف عام في عقد زمان ولعل هذا يُفسر للجميع سبب هذا الحقد الأسود في قلوب الفُرس على عمر بن الخطاب رضي الله عنه وتولاه إذْ أنهم يرونه قد أسقطَ حضارتَهم ودمّر مملكتهم
الخلاصة:
عُرف عن عمر بن الخطّاب رضي الله عنه – عبقريته الفذة وإلهامه الشديدوفراسته العميقة ؛ ولذا قال عنه الرسول عليه الصلاة والسلام ثم جاء عمر بن الخطاب فاستحالت غربا فلم أر عبقريا يفري فريه حتى روى الناس وضربوا بعطن رواه مسلم .
تجلىّ إلهام عمر بن الخطّاب رضي الله عنه – في حياة الرسول عليه الصلاة والسلام عندما جاءت موافقاتُ الوحي لكثيرٍ من أقواله واقتراحاته وتجلّى أيضاً بعد وفاة الرسول عليه الصلاة والسلام في كثيرٍ من الأمور ، ومنها ما يختص بموضوعنا هذا ؛ وهو قوله عن فارس وددتُ لو أنّ بيننا وبين فارس جبلاً من نار لا يصلون إلينا ولا نصل إليهمبل ، ويتجلى حتى بعد موته ؛ إذْ أنّ قاتله كان فارسياً مجوسياً فأيّ رجلٍ كنتَ يا عُمر سمي الفاروق لان انه فرق بين الحق والباطل رضي الله عنه ارضاه .
إرسال تعليق