نظرة شرعية حول المولد النبوي الشريف واعمال البدعاع

    نظرة  شرعية حول المولد النبوي


   

درج بعض المسلمين في أنحاء من الدنيا الإحتفال بمولد المصطفى وذلك في كل عام مرة من شهر ربيع الأول ودافعهم في الإحتفال: 

ظنهم أن هذا من حبه وتعظيمه  وأحاول في هذه النشرة بيان الحكم الشرعي لهذا الإحتفال بأسلوب أرجوا أن يكون سهلاً ومبسطاً ومقنعاً فأقول إن حب رسولنا الكريم فرض لازم لا يتم الإيمان الواجب إلابه وليس هذا محل خلاف إنما هو دين وعقيدة فقد أخرج البخاري عن أنس رضي الله عنه قال : قال النبي  لايؤمن أحدكم حتى أكون أحب إليه من والده وولده والناس أجمعين وحبه يشمل تعظيم أمره وسنته ، وحبه بالقلب والوجدان ، وإحياء دينه ، وأتباع شرعه ، ومجانبة البدع ، وعدم مخالفة السنة والله عز وجل يقول  ومن يشاقق الرسول من بعد ماتبين له الهدى ويتبع غير سبيل المؤمنين نوليه ماتولى ونصله جهنم وساءت مصيرا ) النساء  الاية  115.

ماحكم عمل المولد والإحتفال به : 

مما لاخلاف فيه أن المولد أحدث بعد القرون الثلاثة المشهود لها من الرسول بالخيرية لقوله صلى الله عليه وسلم ( خير الناس قرني ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم ) اخرجه البخاري عبد الله رضي الله عنه مع أنهم كانوا أكثر حباً ، واعظم إجلالاً لرسولنا من غيرهم ، لذلك أورد محمد بن يوسف الصالحي من كتابه سبل الهدى والرشاد في سيرة خير العباد 1/ 439 عن ظهير الدين التزمنتي  إن السلف في الصدر الأول لم يفعلوه مع تعظيمهم وحبهم للنبي بل إعظامهم وحبهم لايبلغ حب جمعنا حب الواحد منهم .

هل هو واجب  
أين دليل وجوبه ؟ هل هو سنة أم مستحب ؟ أين دليل سنتيه اوأستحبابه مع العلم أن أول مولد عمل وأحتفل به في عهد بني عبيد القداح (الفاطمين ) فلو كان واجباً أو مستحباً يعني أن الخلفاء الراشدين والمبشرين بالجنة والصحابة تركوا واجباً أو مستحبا ولا يكون المولد مباحاً لأنه لايفعل إلاعبادة وفيه إجتماع للعبادة وعليه فإن هذا المولد بدعة وليس بمطلوب شرعاً بل يؤمر بتركه ثم ماليس بواجب ولامستحب ولاسنة إذا ظهرت معه مفاسد في الميادين ، وابتداع في الدين ، وأذكار غير شرعية ، وأقوال شركية ومدائح في تعظيم شيوخهم ، فالواجب تركه وإن كانت فيه مصلحه الطريقة والصفة الموجودة الأن من إجتماع النساء والرجال في مكان واحد مع الزحام الشديد والإختلاط المشين والتبرج المبين والإبتداع في الاذكار بالألحان والطبول والتمايل لاينبغي أن يختلف أثنان في أن هذا حرام لا يليق بنبينا.

أقوال بعض علماء المالكية في عمل المولد وبدعيته :

وإليك ماقاله أبوحفص عمر بن علي اللخمي السكندري المشهور بالفكهاني في كتابه المورد في الكلام على عمل المولد (لا أعلم لهذا المولد أصل في كتاب ولاسنة ولاينقل عمله عن أحد من علماء الأمة الذين هم القدوة في الدين المتمسكون بأثار المتقدمين بل هو البدعة ثم قال :  إذا كان مجرد إجتماع الرجل بأهل بيته لا يقترفون شيئاً من الآثام هذا الذي وصفناه بأنه بدعة مكروه وشناعة أما ماتدخله الجناية وتقوى به العناية من أجتماع الرجال مع النساء إما مختلطات بهم أو مشرفات فلايختلف في تحريمه أثنان .

وقسّم عمل المولد إلى قسمين :

1- ماخلا من المفاسد فهو بدعة مكروه وشناعة. 2- وماكان فيه مفاسد فهذا لايختلف في حرمته أثنان العدوي في حاشيته على مختصر خليل المجلد 8/168 : ( أما الوصية على عمل المولد فذكر الفاكهاني أن عمل المولد مكروه أبوعبد الله الخفار المالكي فيما نقل عنه أحمد بن يحيى الونشريسي في المجلد 7/99-101 حيث ذكر أن يوم ميلاده فاضل ، لكن اليوم الفاضل لا تشرع فيه عبادة إلا بإذن الشارع ، ولوكان في يوم المولد عبادة لفعلها أولى الناس برسول الله ﷺ أصحابه ، حتى قال. 

يؤمر بترك إقامة المولد.

يرى ابن الحاج المالكي في كتابه المدخل المجلد 2/11-12 : ( إن المولد إذا خلا من المفاسد كان بدعة بنفس نيته ) وفي 2/26 قال : لوقرئ فيه صحيح البخاري لكان بدعة ، بدعة مع أن الحديث من القربات إذا فعله بشرطه اللائق على الوجه الشرعي لا بنية المولد ألا ترى أن الصلاة من أعظم القربات إلى الله تعالى مع ذلك فلوفعلها إنسان في غير الوقت المشروع لكان مذموماً مخالفاً فإذا كانت الصلاة بهذه المثابة فما بالك بغيرها وكذلك أفتي ابن عليش المالكي في كتابه فتح العلى المالك في الفتوى على مذهب الإمام مالك المجلد 1/171 بأن من نذر ذبح عجل يوم المولد لا يلزمه شئ لان عمل مولد الرسول ليس مندوباً خصوصاً إذا أشتمل على مكروه كقراءة بتلحين أو غناء ولايسلم في هذا الزمان من ذلك وماهو أشد منه والنذر إنما يلزم به ماندب) والله أعلم ( راجع المورد في الكلام على عمل الولد للفكهاني المالكي والمعيار المعرب والجامع المغرب عن فتاوي علماء أفريقية والأندلس والمغرب لأحمد بن يحيى الونشريسي 7/99-101 نقلا عن ابن عبد الله الخفار المالكي.

شبهات والرد عليها :

1- الشبهة الأولى أستدل بعضهم على جواز عمل المولد بقوله تعالى قل بفضل الله وبرحمته فبذلك فليفرحوا هو خير مما يجمعون يونس 58 ووجه إستدلالهم أن الله أمرنا أن نفرح برحمته ورحمته هنا هي نبينا .

الجواب من وجوه :

الفرح بنبينا يكون بحبه وأتباعه وإحياء سنته ومجانبة الإبتداع إذا فهمنا من هذه الأيه أن الفرح بنبينا هو الإحتفال بمولده فإنه يلزم من هذا الفهم أن الصحابة الكرام والقرون المفضلة لم يفرحوا به ، والصواب أن الصحابة والتابعين رحمهم الله فرحوا بنبينا بالإسلام والقران ولم يقيموا مولداً ولم يخصوا يوم مولده الشريف بشئ زائد ولمزيد من الإيضاح نسأل سؤالا هل وقف الصحابة الكرام رضي الله عنهم على هذه الأية وعملوا بها  لاشك أنهم علموها وفهموها وعملوا بها فأين الإحتفال بالمولد عندهم رضي الله عنهم ، راجع الموافقات في أصول الشريعة للشاطبي المجلد 3/72- الشبهة الثانية : يقولون نعترف بالمولد بدعة لكن بدعة حسنة وخاصة أن عندنا فيه مصلحة تربية أبنائنا على حب الرسول.

الجواب من وجوه :

يقول النبي وإياكم ومحدثات الأمور فإن كل محدثةٍ بدعة وكل بدعة ٍ ضلالة أخرجه أبوداود والترمذي عن العربض بن سارية كل من ألفاظ العموم وهي مسبوقة بالتحذير إياكم  فهذا يفيد أنه لاتوجد بدعة حسنة وأنها كلها ضلالة يجب تركها ثم الأصل أن كل بدعة ضلالة فأين القرينة المخصة الناقلة عن هذا الأصل لتكون بدعة مخصوصة مستثناة من العموم وقد قال ابن عمر رضي الله عنهما  كل بدعة ضلاله وإن رأها الناس حسنة ذكره ابن بطة في الإبانة عن شريعة الفرق الناجية 1/352 واللالكائي في شرح أصول أعتقاد أهل السنة 1/92 أما تربية الأبناء فالأولى تربيتهم على حب النبي وأتباعه وتعليمهم سيرته العطره وذلك كل يوم كما إني مستغرب من هذا الكلام كأنه لا باب ولامجال لتعليم أبنائنا حب الرسول إلابعمل المولد في العام مرة ا ثم منذ متى والناس يقيمون المولد ؟ فهل لم يعلم الصحابة والتابعون لهم بإحسان أبناءهم حب رسول الله  وهل الذين تعلموا حبه تعلموه من المولد .3- الشبهة الثالثة : الإستدلال بقصة أبي لهب الذي رؤي أنه يخفف عنه العذاب بعتقه لثويبة لما أخبرته بولادة النبي. 

الجـــــــــواب :

أ‌- لأثر مرسل وضعيف مخالف لما عليه أهل السير أن أبا لهب أعتقها بعد أرضاعها للنبي وليس يوم ولادته لأنها أرضعت النبي وهي تحت أبي لهب. ب‌- ولو صح الخبر فلا حجة فيها لأنها رؤية منامية وتخالف ظاهر القرأن عن الكفار لقوله تعالى ( وقدمنا إلى ماعملوا من عمل فجعلناه هباءً منثورا الفرقان 23 راجع فتح الباري لإبن حجر العسقلاني 9/145. ت‌- ثم من الذي رأى أبا لهب ؟ فالرائي مجهول والمرئي كافر  فهل هذا حجة في شرعنا 4- الشبهة الرابعة : احتفل النبي بنفسه حيث كان يصوم الإثنين فلما سئل عن ذلك قال : (ذلك يوم ولدت فيه ) أخرجه مسلم عن أبي قتادة الأنصاري.

الجــــــــــــواب :

أ‌- الحديث صحيح وفيه أن رسولنا الكريم كان يصوم كل يوم أثنين على مدار العام ولم يصم يوم الاثنين التي في ربيع الأول فقط ثم إذا أحتفل النبي بمولده صوماً هل يجوز لنا الزيادة على ذلك أم نكتفي بصوم يوم الأثنين من كل أسبوع أتباعا وأقتداء به ب‌- ثم شتان بين المولد المقام الأن على ( الأكل والشرب والحلوى والعطلة ) وبين صوم النب ت‌- وفي هذا الحديث دليل على أن المولد ليس (عيداً والدليل عليه هذا الصيام إذ لايجوز صيام الأعياد ومادام النبي صامه فقد أخرجه من كونه عيدا.

نختم نشرتنا هذه بالتحذير من البدع ومخالفة السنة النبوية الشريفة :

يقول رسولنا ( من أحدث في أمرنا ماليس منه فهو رد ) البخاري2697 مسلم 1718 وفي رواية مسلم (من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد) 1718 وقد ذم السلف الصالح البدع وحثوا على إلتزام السنة من أقوالهم. قال عبد الله بن عباس رضي الله عنهما ( مايأتي على الناس من عام إلا أحدثوا فيه بدعة وأماتوا فيه سنة حتى تحيا البدع وتموت السنن رواه اللالكائي في شرح أصول أعتقاد أهل السنة 1/92. وقال عبد الله بن عمر رضي الله عنهما ( كل بدعة ضلالة وإن رأها الناس حسنة ) إبن بطة في الإبانة عن شريعة الفرقة الناجية 1/352 واللالكائي في شرح أصول أعتقاد أهل السنة 1/92 وقال الإمام مالك بن أنس رحمه الله (لن يصلح أخر هذه الأمة إلابما صلح به أولها ) منهاج السنة النبوية 2/442 أسأل الله العلى العظيم الجليل الرحيم أن يهدينا لحب صادق لرسولنا وأن يوفقنا لإصابة سنته وأن يرزقنا شفاعته وأن يحشرنا في زمرته وأن يسقينا من حوضه الشريف وأن يجنبنا البدع والأهواء إنه سميع قريب مجيب.

0/Post a Comment/Comments

أحدث أقدم